القيراط الاخير
في البدأ خلق الله مصر كتلة من الطين وعندما شقها النهر وسكنها الانسان والطير كان لهما نفس لون الطين
لم يقسم الله طين مصر ولكن الجميع قسموه عجنوه بالدماء والعرق وتصارعو حوله بلاظافر حتى اصبح النهر غريبا والانسان الذي له نفس لون الطين اشد غرابة
عندما صعد المماليك وركبو أعناق أهل مصر قسموا الطين بحد السيف فاصبحت مصرالمملوكة لهم اربعة وعشرين قيراطا بما عليها من أنهار وناس وطير وحيوان...
أربعة قراريط للسلطان اذا كان ضعيفا ... وخمسة اذا كان عنيفا... وسته اذا كان شرها...
وعشرة قراريط للأمراء والعسكر اذا كانو هادئين ...واثنا عشرة اذا خرجوا للقتال... واربعة عشرة اذا تمردو على السلطان الضعيف فيضطر لمراضاتهم. وقراريط الامراء كانت دائمة التشكل وفي كل مرة يمتلكها أمير يفتحها بحد السيف كانها لم تفتح من قبلة ولم تنهب من غيره .. وكل امير يقبض على قراريطه حتى يموت خنقا او طعنا ثم ياتى قاتله ليستولى على التركة.
كان هناك قيراطان للترضية ليس لهما صاحب محدد ولكنهما موجودان دائما لاسترضاء الامير الاقوى والاكثر غضبا والاقل صبرا
واربعة قراريط موقوفة لاسترضاء غفران السماء والعسير المنال للمساجد والزوايا والتكايا والاسبلة للشيوخ والمجاذيب والفقهاء وطالبى العلم... للمرضى المقيمين في البيمارستان ولطلاب الازهر وحفظة القرآن والمتصوفة ولكل من يقدر على رفع غفران من اجل ذنوب المماليك الكثيرة.
وثلاث قراريط ترسل منها الخلع والعطايا والعلوف والتقادم لنواب السلطان وجنودة المبعدين خارج الحدود حتى لا يفكرو في الثورة عليه.
لم يكن باقيا الا قيراط واحد لكل الفلاحين
قيراط واحد للذين يزرعون في برودة الشتاء ويحصدون في قيظ الظهيرة ويبنون في كل أوان ويعانون من السخرة والشظف
والجوع في كل موسم....
قيراط واحد لكل الذين أقاموا على حافة النهر فشربوا من ماءه
وفاض من عرقهم فيضانه وقلبوالاحجار ونقو الطين واودعوا الارض بذرة الخلق وسر القمح والشعير
واسماء الله الحسنى.........
قيراط واحد لكل الاطفال الذين ولدوا بلا
احلام .... والبنات اللاتى مضين دون عشق ...... والفواعلية الذين ماتو بلا ثمن ..
للناس الذين جمعوا شتات انفسهم بعد كل فيضان وصلوا على موتاهم بعد كل وباء.......
ورحلوا للمدن فاقاموا القصور الباذخة ثم عاشوا في الحواري الضيقة
يواصلون صنع تمائم الحياة ويترقبون – رغم كل شئ – بعث كل الاحلام الجميلة..........
قيراط واحد للزهرة والقبر للشعراء والفقراء والمغنين المجهولين والصنايعية والعشاق الصغار
قيراط واحد استطاعوا باحلامهم الكبيرة وبانتظارهم الدائم للغد أن يجعلوه في اتساع الكون يمتد من حافة النهر حتى مدى الأفق
قيراط واحد استطاعوا باحلامهم الكبيرة وبانتظارهم الدائم للغد أن يجعلوه في اتساع الكون يمتد من حافة النهر حتى مدى الأفق
شذرات من كتاب وقائع عربية للدكتور محمد المنسي قنديل
3 comments:
بوست متميز
اشكرك علية
تحياتى
والنبي خليه ليا يا عماد
ولك عمولة حلوة
فنان
كالعادة
اشكرك على النقل المتميز
Post a Comment