Monday, December 11, 2006

خدعوها ... وقالو لها كونى وحيدة



خدعوها ... قالو لها ان كل الاميرات ديانا
وان فارسها المنتظر يخرج ليلا ليقضي ليله مع الخادمة..
. فلم تحلم بان تكون اميره

قالو لها ان العلم علة العقول فلم تتمنى قلما وتركت صفحتها بيضاء

قالو لها ان التاريخ لا يكتب بايدي النساء فلفت راسها بالسواد طبقتين واغلقت يداها
قالو لها ان الرجال الهة الارض وانها من تصلب نفسها لخلاصهم



لا اعرف لما تذكرتها في هذه الليله وفي هذه اللحظة بالضبط قد يكون نتيجة لشعوري بغبائي في الحكم على الاشخاص والاشياء
عمري اربع وعشرون عاما في ابريل القادم منها اثنان وعشرون كنت اعتقدها خربة العقل .
وحيده تسكن في بيتها القاطن في راس شارعنا فكلما خرجت منه او رجعت او حتى مشطت ارض الشارع رايتها
هناك على اعتاب بيتها تجلس متوشحة الاسود يلفها صمت لم يفارق عتبة بابها صباح مساء
لا اذكر طوال سنوات عمري انى قد سمعت صوتها او نظرت في عينيها كل ما اذكره عنها ذلك الخوف الذي كان يلفنى وانا في طريقى للمدرسة كلما عبرت ببابها
كانت عينيها تبحث في الارض عن شئ لا اعتقد انها وجدته يوما
لم اكن ابدا في زمرة الاطفال الذين ينعتوها بالجنون كلما مروا بها لانى كنت ممن يعتقدو بانها تدخل الاطفال ببيتها فتقطعهم وتاكلهم ليلا كما انها تاكل القطط والضواري
ذهبت للمدرسة الاعدادية ثم الثانوية وما زالت وحيده تجلس على عتبة بابها ,عيناها تخترق الارض... راسها ملفوفة في طرحتها ذات الطبقتين.... كلا يديها مضمومتان في حجرها ,
انها المرة الوحيدة التى رايتها فيها عن قرب كان والدي قدر رجع من السفر وخرجت ابارزة في مشيته السريعه الا انه كاعادة كاد ان يفوز حتى توقف عند عتبتها ... اسرعت للالتصاق بجلبابه. ناداها فخرجت تسبقها كلمات السلامة والعود الحميد له وقفا سويا عند الباب ضحكا تبادلا بعض الاسماء لم انتبه الا لكلماتها تخرج منها كدقات العصا على انية من النحاس.صممت على شرب الشاي استعجلها ابى ببعض دعاباته فاخرجت لي بعض الحلوى وتعبير على وجهها اعتقد اليوم انه كان ابتسامة.

التحقت بالجامعة قد تكون ملامح الاشياء والمحيطين قد تغيرت الا هي ما زالت وحيدة تفترش عرش عتبتها لا تلتفت لمرور الزمن عليها ولا هو يلتفت لها , مازالت صفرة بشرتها لم تتغير لم تفتح يديها وما زالت عليها تلك الطرحة التى تضمها كزهرة عباد الشمس تنظر خيوط الصباح
قد اكون انا من تغيرت نظرته لها فلم اعد اخشي المرور ببيتها فلم تتاكد اي حادثة لماكل طفل او قطة... قد يكون لانى لم اعد انتبه لوجدوها او افرق بينها وبين جزوع النخل الملقاه تحت حيطان جارتها ... كنت كاكثيرين ممن يعبرون بها لا يلحظون غير كومة من الثياب السوداء الساكنة اما الجيران ومن تعودو عبورها فقد لا يلحظون حتى هذه الكومة
في بلدي هناك الكثير من عبر بوابة التاريخ وهناك من صقط تحت صنابك الخياله وهناك كثيرون كوحيده لا تجد محلا للاعراب كانها مسافه بين الكلمات وعتبتها.
ملتصقا بكمبيوتري مخففا من هدوء هذه الليله ببعض الموسيقى تعالت الصراخات في الخارج لم يكن صراخا مشبعا بالحرقة بل كان....صراخا. ان ذو الخبره في بلدي بلحظات الموت يعرفون صراخ من فقد عزيز ومجرد الصراخ للاعلان بان هناك من رحل.
خرجت امى لتستوضح الامر ورجعت مسرعه بالاعلان ولتاخذ منديلها
أمي : لقد رحلت وحيده
أنا : مين وحيده ؟؟
أمي: وحيده جارتنا ماتت...
." واسرعت للالتحاق بركب المعزيات تلاحقها ملامح الشفقة على حياة الراحلة"

لم افكر كثيرا ما فعلته انى خففت من صوت الموسيقى واكملت ما كنت اقوم به
مع تاخر الوقت ليلا خفت اصوات النحيب ورجع كلا الى منزله
..الدفن سيكون صباحا

جافانى النوم

تعالت بعض الاصوات من داخل بيت وحيده ولكنها لم تكن صراخ اقرانها من نساء القرية بل اصوات رجال يتنازعون ايهم احق بتلقي واجب العزاء .
لاول مرة تجد وحيده من يتكلم بين جنبات بيتها يتنازع لاجلها رجال تفجع لمصيبتها كل النساء تجد من يهتم بقصتها ويكتبها .اعتقد ان وحيده لو عرفت ان موتها قد يجلب كل هذه الاهتمام لها لكانت قد تمنت الموت كل يوم في حياتها لترى هذا الاهتمام بها
حكي لي ابوشنب انها عندما دخلت السجن لبضعة ايام لتنازع اخوتها على ورثها تمنت لو بقيت في السجن لانها وجدت من يتكلم معها ويحضر لها بعض الطعام الا ان السجن كان لها افضل من البقاء محلقة بين الفراغ في بيتها

خدعوها ... قالو لها ان كل الاميرات ديانا وان فارسها المنتظر يخرج ليلا ليقضي ليله مع الخادمة.... فلم تحلم بان تكون اميره
قالو لها ان العلم علة العقول فلم تتمنى قلما وتركت صفحتها بيضاء
قالو لها ان التاريخ لا يكتب بايدي النساء فلفت راسها بالسواد طبقتين واغلقت يداها
قالو لها ان الرجال الهة الارض وانها من تصلب نفسها لخلاصهم


قالو لها وقالو لها وقالو لها .......د

3 comments:

Unknown said...

كتبت تعليق كبير وطار
مش عارفة اعمل ايه...؟
بس ع الاقل مش هكتبه تاني دلوقتي

Unknown said...

كل مااجي هنا يصعب عليا
انه قطعة فنية جميلة زي دي
محدش عدى عليها غيري
او ناس عدوا ولم يستوقفهم جمالها
او عدوا واستوقفهم جمالها بس معلقوش ومفيش غيري تعليقي المبتور اللى سبقه تعليق كبير ربنا العالم
هحاول اني اقوله تاني بعد ما قريت البوست للمرة التانية


في البداية ظننت انك تتكلم عن كل نساء الشرق
اللاتي تنطوي عليهم خدعة الذكور في ان العالم قمر يدور في مدارهم فقط


بعد قليل تبينت انك تتكلم عن امرأة واحدة .... امرأة في كل شارع وحارة وزقاق وقرية ونجع تركن الى حائط وتسير ببطئ ولا يلتفت اليها احد .... فئة مستبعدة من اهتمامنا رغم انها في حاجة اليه .....


القدر مؤلف بارع ( اسم وحيدة ) هو الاسم الذي يليق حقا بمثل هذه الشخصية وكأن من اختار الاسم كان يدرك المصير الحتمي لمثل تلك المرأة ....



الجزء الصادم انني وجدت وحيدة بداخلي
وبداخل امي واختى وكل النساء الذين قابلتهم بداخلهم وحيدة تنزوي في ركن من أركان القلب



وفي النهاية

عجبتني جدا ...... صورة الذكور وهم لازالوا يمارسون لعبتهم في الخداع ويفرضون سطوتهم على موتها كما همشوا حياتها ......


تصفيق حاد للنص


والله التعليق الاولانى كان فيه تحليل كل كلمة من كتر اعجابي بالنص
اكتب كثيرا فأنا احب كتاباتك

Emad Karim said...

color: #ff0066; background-color: #cccccc">
عزيزتى جيرو


يكفينى انك حبيتي المدونة وتعليقك هنا زي اجمل صورة متحركة في مدونتنا المتواضعه بتزيد من جمالها

ولولا خوفي من الحقوق الملكية الفكرية كنت خليت تعليقك في مدونة ولوحده