Thursday, October 12, 2006

الوان الحرب **** حرب الالوان



حرب الألوان*** الوان الحرب


منذ ولادتى وانا اعشق الالوان وقد يكون سبب خروجي للحياه هو مللى من اللون الاحمر الشفاف لرحم امى .خرجت من الرحم لاطبع حياه امى ذات الخمسة عشر عاما بزوج حقيقى ولانها كانت متزوجة من فارس بهلول يسكن ارض الخليج العربي ويرجع ليحل محلى لمده نادرا ما تزيد عن 40 يوما فقد كنت كعبتها التى تطوفها بحثا عن الونس والظل. يرجع محملا بالثياب والمخمل والالعاب الالكترونيه كان ابى يحملنى وامى لعالم ارحب من حجرتنا القديمة في منزل العائله. عالم نقتقده بقيه العام حتى ليتركنا مع ذكري دخان سجائره الفاخره حتى يعود.
وحتى العام 1990 لم اكن اتذكر من زيارات والدي غير فرحتى بقدومه وهداياه ومقاومتى للبكاء عند الواجهه الزجاجيه للمطار لحظه وداعه. لم يدر بخلدي قط ان طفلا قد يفرح بنشوب حرب قدر فرحتى بحرب الخليج الثانيه وعودة والدي لمده تقارب العامان وهى اكبر مده قضاها في مصرنا منذ اكثر من 30 عاما .
يوم واحد اتذكره بوضوح من كل طفولتى .في الصباح وعلى غير العاده كانت امى قد حممتنى قبل خروجي للعب والذي دائما ما اعود منه جزءا من ثرى الارض مما يستدعى حماما اخر مصحوبا بتزمر والدتى وهى تخلع عنى ملابسي ثم غنائها العذب باحدى اغنيات فيروز اثناء صب الماء على راسي .
افترش ثلاثتنا ارض حجرتنا والنور يملئها فرحا واخرج والدي مجموعه الالون الاربع وعشرون وشقائقها من ورق التلوين التى حرمت امي على لمسها حتى دخولى المدرسة.وبدأ والداي في اضفاء الحياه على تجمعات الزهور بالالوان بل كانهم قد افترشو قلبي يتنازعون على اجزاءه ايهم يملائه باكبر قدر من الحياه.كانا يستخدمان كل الالوان حتى الاسود والرمادي. كانت زهورهم تتراقص حولنا مع حفيف الريح وكانت مهمتى البحث بين المتناثرات عمن لم تصيبها شذرات والداي .
لم يقطع عنا هذه اللحظات غير ضجيج ابناء الحج احمد وهتافهم لانزل لكى نلعب لعبه الحرب وبعد استفزازهم لي اخرجت سيفى الصفيح من غمده وانطلقت في اسرهم في الكرم المقابل لبيتنا. لم اعد متصلا بالعالم الحقيقى لم اعرف شكلا للحرب غير انها احضرت والدي لي والذي لم اره يوما حزينا لفقد اي شئ. لذا صورت حرب المستقبل
. . ما زلت اعشق الحرب .اعشق تضحيتى بفتات جسدي الناحل عندما احتضن صاروخا يسقط على حجره ابوان افترشا الارض وطفل يبحث عن قصصات تراقصت مع هبات الريح الحانيه. اعشق ادوات الحرب عندما تكون العابا ....وسلاحها الفرشاه وترساناتها بالتات الالوان ودمارها طرطشات الالوان على الملابس.اعشق "اسلحة التلوين الشامل" بغبارها الرمادي الذي ينصب على سماء المدن ليعلنها منكوبة اسميا فقط فمازالات الحياه دائرة –الناس تعشق والاطفال في المدارس والكلاب نائمة في بيوتها الخشبيه-هي فقد تفقد اتصالها بالعالم الخارجي حتى رجوع اللون الازرق الازوردي الى سمائها. اما "مدافع الوان الزيت"فهي قادره على رش مبان باكملها او اجزاء منها لتعلن هذه المبان غير ماهوله حتى انتهاء الحرب. واويل الويل لمن تصيبه مسة فرشاه العدو الرماديه فهو اذا ميت يجب نقله لارض الاموات وهى ارض مخصصة لضحايا الحرب يتمرس اصحابها على الزراعه والقراءة ومشاهده بعض الافلام الانسانيه ثم يعودو ليحياتهم الطبيعيه بعد انتهاء وقر الحرب .
اما الحرب الخفية بين البشر في الحياه اليوميه فهي معشقة بالالوان.فابشع انواع العنف المدرسي والاسري هو الشخبطة ,والجميله تعرف بلون شفاهها وكحل عينيها. وتعتبر جريمة من الدرجة البرونزية من يضع يافطة نشاذا في الطريق العام وهو ما يستدعى استياء الصحافه الصفراء. وليكن ايلولا اسودا عندما تنفذ الماحيات من الاسواق ,ولتكن ليله حمراء عندما تسدل الستائر على الافراح المؤجله وزفاف الاحلام المحرمة. وهو كفرا لمن يمزج الاسود بقوس قزح ويحرم طفلا من فقاعات الصابون الملون وهو خائننا من يرسم بصفحة اخيه بلون اصفر لون مرض القلب وميوهه العقل وتارجح الايمان.ولينشد اصحاب الياقات البيضاء اغنيه العنب فرحا ًبضم اللون الازرق للاغنيه.
مزركشا كمومياء يخرج من قبره بعد الالاف السنين اعود لحجرتنا بعد لعبه الحرب مع اولاد الحج احمد الجزار بعد رحيل كل الاطفال من الكرم المقابل لبيتنا مصطدما بسخرية ابى من خريطة العالم المرتسمة على سيقانى وزراعى الناتجة من امتزاج سيل العرق والقنابل الترابيه وجراح السيوف الصفيح والجريد.وحتى تنتهى امى من اعداد الطشت"مركبي المفضل" وتسخين الماء لحمامى يبدا ابى في تحديد الدول والقارات من اخمص اصابع رجلى منتهيا بالقطب الشمالى على جبهتى ومضيق جبل طارق بين انفى وفمى.
لا ينهى سيل الضحكات بيينا غير هتاف امى بالاسراع للحمام حتى لا يفقد الماء دفئه.
" اغلق عيناك"..
..تبدا امي بصب الماء على القطب الشمالى اقصد راسي مازجتا خرير الماء باغنيه فيروز المفضله لها "يامرسال المراسيل" لينساب الماء على جسدي ومعه تسيل خارطة العالم على السطح البرونزي لقاربي
ويضيق بى العالم حتى حدود القارب
وسحابات دخان ابى الفاخر
واصداء اغنية فيروز بصوت امى العزيزة

7 comments:

Unknown said...

حالة تأخذ العقل ....
والقلب معا .........
بحجم الغربة يكون الحنان
ومن اندلاع الحرب ما بين اسود الوجع والفراق وابيض المشاعر الدافئة ودندنة بصوت فيروز
تسقط مئات الالوان ....

أبوشنب said...

ههههههههههههه

والله وكبرت يا واد وبطلت تلعب الحرب

بس ايه الشغل الجامد ده

واحدة واحدة علينا

بجد

وحشتني البلد

وحروب العصابات

ورمح البلاد

والغماية

والعيش اللي بتخبزه امك

ملهوش حل مع علبة تونة

وشوية بصل

بعد صلاة الجمعة

"سلام على كوم الضبع في العالمين"

Anonymous said...

جملة قوى ياعماد بجد وأنا بقراها إتمنيت إنى أكون مامتك

Emad Karim said...

جيرنمو
حل مسابقة من تكون
"تعرفو حبيبتى مين هي
حبيبتى هي المراه العربية"
راجعى البلوج تانى واحفظيه كويس

ابو شنب
والله حتى انا وحشنى عيش امى
وتمشيتنى مع بعض ساعه المغربية
وفلم لميج رايان في سهرة للصبحية
وسحور في رمضان تدفينا فيه حواديتك المندية

Unknown said...

عماد
اخيراً استجبت لطلب الجماهير ورجعت للبلوجر
العود أحمد
راجعلك عشان اقرا بتمعن
حمدالله ع السلامة

Unknown said...

عماد
إيه الروعة دى والجمال حاجة كده تشيب من الصدق الفنى حسيت وانا بقراها انى مشدود وعاوز اكرر ميت مرة
واشتقت لكرم أحيا
كرم يحى
اللى عشنا فيه طفولتنا
بس عمرى ما حسيت انك عايش
فى نفس المكان
رائع يا عماد
وأمتعنا دائماً

يسلم عليك عز أهو واقف جنبى
وبدوره يبلغ سلام محمود سيد وإبراهيم محمد
تحياتى

Anonymous said...

ربنا يستر عليك وعلى كل اللى عدى
وعلى فكرة بيتكم واحشنى جداً
عبد الباسط عبد السلام